رسالة إنسانية: الاعتذار والحقيقة بين الأيزيديين والمسلمين

الياس عزام


إن التاريخ، رغم قسوته، يحمل في طياته دروساً عظيمة عن الإنسانية والعفو. في ذكرى الإبادة الجماعية التي اجتاحت الأيزيديين، وقف السيد قاسم ششو ليلقي خطاباً يحمل في طياته وجع الماضي وأمل المستقبل، متحدثاً عن الإبادات الجماعية التي تعرض لها الأيزيديون تحت راية "لا إله إلا الله، محمد رسول الله". هذه الكلمات لم تكن مجرد سردٍ للأحداث، بل دعوة صريحة للاعتذار والحقيقة.

السيد ششو أشار إلى أن الأيزيديين عانوا من أربع وسبعين إبادة جماعية، ومع ذلك لم يتلقوا اعتذاراً رسمياً من أي جهة إسلامية. هؤلاء المجرمون الذين استغلوا الدين الإسلامي لتبرير جرائمهم البشعة، حملوا هوية ومعتقداً دينياً إسلامياً واستندوا إلى تفسيرات مغلوطة للقرآن الكريم. ولكن الأمل ينبعث من المسلم الحقيقي الذي يقف ضد هؤلاء المتطرفين، مؤكداً أن الإسلام بريء من تلك الفظائع.

ندعو المسلمين الحقيقيين الذين يؤمنون بعدالة الله وقيمه السمحاء إلى الوقوف صفاً واحداً، لتوضيح أن هؤلاء المتطرفين لا يمثلونهم ولا يمثلون الإسلام. نحن، من جهتنا، نقدم اعتذارنا لكل مسلم حقيقي بعيد عن التطرف والإرهاب، ونطلب منهم قبول اعتذارنا عما بدر من السيد قاسم ششو، رغم أنه لم يقصد الإساءة.السيد ششو أشار إلى أن داعش الإرهابي هم نفس الدواعش الذين قاموا بجميع الإبادات الجماعية بحقنا

تحت راية "لا إله إلا الله، محمد رسول الله". لكن الفهم الخاطئ للكلمات وتلاعب الإعلام المغرض بالحقيقة، أساء فهم الرسالة.

نعم، يا سادتي، عشرات الإبادات تمت باسم الإسلام. ملايين من الناس أبيدت، وملايين من نسائنا وأطفالنا سبيت، وفُرضت العقيدة الإسلامية عليهم أو الموت. هجّرونا من مدننا وأراضينا منذ مئات السنين، كل ذلك باسم الله ورسله. ومع ذلك، نؤكد أن الإسلام الحقيقي لا يفتخر بتلك الأعمال الإرهابية.

رغم مرور ألف وأربعمائة سنة وارتكاب ٧٤ إبادة جماعية بحقنا كأيزيديين، لم نسمع خطاباً رسمياً من قبل مؤسسة دينية أو جماعة إسلامية يستنكر تلك الإبادات. لكننا، بثقافتنا وإرثنا وقيمنا الإنسانية العميقة، نؤكد أن جميع الشعوب هم إخوتنا في الإنسانية، وندعو لهم بالخير في صلواتنا قبل أن ندعو لأنفسنا.

نأمل أن تصل هذه الرسالة بصدق وإخلاص إلى الجميع، ليس فقط لتوضيح التهمة الباطلة التي اتهم بها السيد قاسم ششو، بل كمنظور عام يدعو إلى التفاهم . وختاماً، نؤكد أن تحقيق العدالة أمر لا بد منه، ويتطلب محاسبة كل من شارك وساعد داعش الإرهابي بأقصى العقوبات، ولو بعد حين. نحن صابرون، والله مع الصابرين. المجد والخلود لشهدائنا، والخزي والعار للخونة وأذناب داعش الإرهابي وأعوانهم، ولمن يحاولون الاصطياد في الماء العكر.