هذا الموضوع يحمل بُعدين رئيسيين : الحاجة إلى التغيير لمواكبة العصر، والخوف من فقدان الهوية الثقافية والدينية للإيزيديين. من وجهة نظري، الإصلاح داخل أي مجتمع هو عملية طبيعية، بل ضرورية لضمان استمراريته في مواجهة التحديات. لكنه يجب أن يكون إصلاحًا متوازنًا، بحيث يحافظ على القيم الجوهرية للمجتمع الإيزيدي، دون أن يُغلق الأبواب أمام التطور. المجتمع الإيزيدي واجه تحديات كبيرة، من الإبادة الجماعية إلى النزوح والشتات، مما جعله بحاجة إلى مراجعة بعض الأعراف والتقاليد لمواكبة الواقع الجديد. هناك قضايا مثل دور المرأة، الانفتاح على التعليم، والتكيف مع التطورات الاجتماعية التي تستحق النقاش. لكن في الوقت نفسه، لا يجب أن يكون الإصلاح قسرًا أو تحت تأثير ضغوط خارجية، بل يجب أن ينبع من داخل المجتمع نفسه، مع احترام الإرث الثقافي والديني الذي يميز الإيزيديين عن غيرهم. الإصلاح ليس تهديدًا للهوية إذا كان مدروسًا وواعياً، لكنه قد يصبح خطرًا إذا فُرض بطريقة تُمزق النسيج الاجتماعي. لذلك، الأهم هو وجود حوار مفتوح يضمن مشاركة جميع الأطراف، بحيث يكون التغيير نابعًا من احتياجات المجتمع نفسه وليس مجرد استجابة لضغوط خارجية أو رؤية أحادية للإصلاح. الإصلاح يبدأ بالنقاشات البنّاءة، وهذه النقاشات ليست بالضرورة أن تُؤخذ على محمل الجد كأمر مفروض، لكنها تفتح الأفـق أمـام أفـكــار جـديـدة قـد تـكـون بنّاءة وتـسهـم فـي تحـسـيـن المجتمع. فالإصلاح الحقيقي لا يتم بقرار فردي أو إملاء من جهة معينة، بل من خلال حوار يتيح الفرصة للجميع للمشاركة دون خوف من التهجم أو التسقيط. إن كلمة "الإصلاح" هي رغبة يتفق عليها الجميع، والجميع يتمنى تحقيقها، لكن المخاوف من ردود الفعل القاسية، أو تحمّل وزر التغيير، تجعل الكثيرين ممن يطمحون للإصلاح يفضلون الصمت والبقاء في الخفاء. وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، فالمجتمعات التي لا تتقبل الحوار قد تفقد فرصة ثمينة للتطور. لذا، فإن خلق بيئة آمنة للنقاش والتعبير عن الآراء هو الخطوة الأولى نحو إصلاح حقيقي ومستدام. وكسر حاجز الصمت هو الخطوة الأولى نحو التغيير الحقيقي. فالخوف من ردود الفعل القاسية، والقلق من التسقيط أو الهجوم الشخصي، كلها عوامل تجعل الكثيرين ممن يحملون أفكارًا إصلاحية يختارون الصمت أو البقاء خلف الكواليس. لكن أي مجتمع يريد أن يتطور لا يمكنه أن يبقى أسير هذا الصمت. التاريخ يثبت أن التغيير لا يحدث إلا عندما يتجرأ الأفراد على الحديث، حتى لو كان حديثهم في البداية مرفوضًا أو مثيرًا للجدل. فالإصلاح لا يعني هدم القيم، بل إعادة تقييمها لضمان بقائها صالحة لمتطلبات الزمن. والمجتمع الذي يسمح بالحوار دون تخوين أو إقصاء هو المجتمع الذي يستطيع أن يحافظ على هويته، لا من خلال الجمود، بل من خلال الوعي والقدرة على التكيف