في ظل التفاعل الواسع الذي يشهده الشارع الإيزيدي، عقب الإعلان عن مؤتمر الحوار الإيزيدي–الإيزيدي، بات واضحاً أن بعض ردود الأفعال قد تجاوزت حدود النقد البنّاء، لتكشف عن دوافع ومواقف تتعدّى إطار المصلحة العامة، وعليه، فقد حرصت اللجنة التحضيرية، منذ إعلانها عن المؤتمر، على تقديم توضيحات شفافة عبر بيانات رسمية ومقابلات إعلامية، ليس بهدف الرد على الهجمات، بل انطلاقاً من المسؤولية الأخلاقية في احترام الرأي العام الإيزيدي وتنويره.
ومن الطبيعي أن تُثار تساؤلات وهواجس بشأن أي مشروع جماعي بهذا الحجم، غير أن بعض الجهات عبّرت عن مخاوف لا تتصل بجوهر المؤتمر أو أهدافه، بل تتعلق بمصالح ضيقة ومواقف مسبقة، وقد تجلّت هذه المخاوف أحياناً في حملات إعلامية مضلّلة، تمادت في التشكيك، بل وصل بعضها إلى مستوى الافتراء والتجريح الشخصي، وهو ما يتنافى مع روح الحوار التي نسعى جميعاً إلى ترسيخه، ولا يمكن تجاهل الرسائل المبطّنة التي وردت بشأن بعض المواضيع التي تمس مصالحهم الخاصة، ونحن نعيها.
لكن اللافت أن جهات أخرى سبق أن رفعت شعارات براقة كـ"الإصلاح" و"التقدم"، لكنها في الوقت ذاته ترفض أن تتضمّن هذه المبادئ في خطاب المؤتمر! في مفارقة يصعب تفسيرها بمنطق موضوعي! خاصة بعد التوضيحات التي قُدّمت لطمأنتهم بشأن المخاوف التي استندوا إليها في انتقاداتهم.
والأغرب من ذلك أن البعض عبّر صراحة عن اعتراضه، فقط لعدم إشراكه في عضوية اللجنة التحضيرية! وهنا تبرز تساؤلات مشروعة: هل يمكن للجنة تحضيرية أن تضم مئة شخص مثلًا؟ وهل من المنطقي إشراك كل طرف لتفادي الانتقاد؟ والأدهى من ذلك كله، أن البعض اتجه إلى تسويق روايات تُضخّم من أهمية حضورهم، وهو طرح لا يخدم أحداً، بل يُكرّس مفهوماً مرفوضاً يربط نجاح المبادرات بحضور أسماء بعينها، لا بمضمونها وغاياتها.
ندرك تماماً أن بعض الأصوات، للأسف، ما تزال تعيش على واقع الانقسام، وتستفيد من استدامته، وتسعى لإجهاض أي جهد يهدف إلى لملمة البيت الإيزيدي. ومع ذلك، فإننا لا نزال نراهن على وعي الغالبية من أبناء شعبنا، وعلى النخب المثقفة التي باتت تدرك جيداً خلفيات هؤلاء، وتُميّز بين النقد المسؤول البناء ومحاولات التشويش.
فلم يعد الإيزيدي اليوم مواطناً معزولاً عن العالم، بل بات جزءاً من مجتمع يضم كفاءات علمية، ونخباً ثقافية، وشباباً واعياً يدرك تماماً من يسعى إلى البناء ومن يحاول العرقلة، وإن هذا المؤتمر، في نهاية المطاف، ليس غاية، بل خطوة أولى في مسار طويل لبناء خطاب جامع ورؤية مشتركة، لا يمكن أن تتحقق إلا بالحوار الحقيقي والمشاركة النزيهة.
ولأجل كل ما ذُكر، تبقى أيادينا ممدودة لكل يدٍ مؤمنة بقضيتنا، راغبة في توحيد الصف الإيزيدي، بعيداً عن المصالح الشخصية والحسابات الضيقة، ولكل من يدرك المعنى الحقيقي لهذا الحوار وأهميته.