اعداد : كانيا سبي
في رؤية تحليلية عميقة، وصف الأكاديمي الإيزيدي ريناس نزام ختاري واقع المجتمع الإيزيدي في ظل التحديات المعقدة التي تعصف به، مؤكدا أن المرحلة الراهنة لم تعد تحتمل الاكتفاء بالحوار والنقاشات الرمزية، بل تتطلب تحوّلاً عملياً ممنهجاً يقوده وعي جماعي ونخبة مؤمنة بالقضية الإيزيدية بصدق واستقلالية.
واعتبر ختاري أن المؤتمرات، على أهميتها، لم تعد كافية لوحدها لإحداث التغيير المرجو، في ظل غياب بنية جاهزة قادرة على استيعاب الإصلاحات، كما شدد على أن الحل يكمن في تأسيس حراك منظم يقوده جيل جديد، ويحمل إيماناً راسخاً بالهوية والديانة الإيزيدية، ويتحرر من سطوة الإغراءات والمصالح الفردية.
"ما نحتاجه اليوم"، كما يصف ريناس، "هو كيان موحد، ذكي، يتمتع بأدوات القوة الفكرية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية، ويكون قادراً على حماية الرموز الإيزيدية وتوجيه الشخصيات المؤثرة ضمن رؤية استراتيجية واحدة، سواء داخل العراق أو في دول المهجر."
ويرى ختاري أن المجتمع الإيزيدي بأمسّ الحاجة إلى منظومة قيادية استراتيجية تمتلك مشروعا طويل الأمد، وتعمل ضمن إطار مؤسساتي واضح، بما يكفل بناء الثقة داخلياً، وتوسيع التأثير خارجياً، ويؤسس لخطاب موحّد يعبّر عن الهوية الإيزيدية بلغة العصر.
إن ما قدمه ختاري لا يعكس فقط تشخيصاً دقيقاً لواقع المجتمع الإيزيدي، بل يطرح رؤية متكاملة للتحول من مرحلة الدفاع الوجودي إلى مرحلة البناء والتمكين، وهي رؤية تدعو إلى تأسيس كيان يحظى بجماهيرية، ويكون محصناً بإيمان حقيقي، ومسؤولية تاريخية، وانتماء لا تهزّه الضغوط ولا تستدرجه المصالح.
عليهِ، فإن مؤتمر الحوار الإيزيدي–الإيزيدي، في ضوء هذه الرؤية، لا يجب أن يبقى فعالية فكرية، بل منبراً لانطلاق مشروع تحولي، يُعيد للإيزيديين ثقتهم بأنفسهم، ويرسم لهم مستقبلاً مبنياً على الفعل، لا الانتظار.