( بين صراع الفصائل المسلحة والقوى الاقليمية في المنطقة .. هل يقرأ الايزيديون المشهد ؟ )

مركز ئزدا


في ظل التحولات المتسارعة التي تعصف بسوريا والمنطقة، باتت خارطة الصراع أكثر تعقيدًا وتشابكا، تتقاطع فيها أجندات الفصائل المسلحة مع مصالح القوى الإقليمية والدولية، وترسم في الخفاء تفاهمات غالبا ما تنفذ على حساب الشعوب المستضعفة. وفي القلب من هذا المشهد تقف الأقليات الدينية وعلى رأسها المجتمع الإيزيدي في مواجهة تحديات وجودية وسط غياب الحماية الحقيقية وتردد المجتمع الدولي وتـشـتـت داخـلــي بـات يـضـعــف كــل مــبــادرة أو صــــوت جــمــاعـي.

ولأجل قراءة المشهد السياسي والامني في المنطقة اطلق مركز ئزدا دعوة لكتاب والصحفيين والمهتمين بالشأن الايزيدي للمشاركة بكتابة مقال من خلاله يتم اثارة الموضوع وقراءة الاراء ولكي نكون اكثر حذرا من أن عدم قراءة المشهد قد يؤدي إلى تكرار الكارثة ذاتها ولكن بأدوات وأسماء مختلفة فالفصائل المتطرفة التي أذاقت الإيزيديين ويلات السبي والقتل في 2014، لم تستأصل جذورها بل يعاد تدويرها وتمويلها وتمنح أدوارا جديدة ضمن مشهد سياسي دولي خادع في لعبة “ استلام وتسليم ” لم تعد غريبة على المنطقة وبالاخص على الايزيدية, لذلك لم يعد حجم السلاح هو المقياس الوحيد للخطر بل توقيت الصفقة وغياب التحصين المسبق. ان تجاهل دروس الماضي والركون إلى الحماية الشكلية أو الضمانات الدولية المؤقتة ليس سوى مقامرة جديدة قد يدفع الإيزيديون ثمنها مجددا فكما أكدت الوقائع فأن المجتمع الدولي يتدخل متأخرا . ومن هنا فإن أول خطوة يجب أن تكون في الداخل هو بناء وحدة حقيقية بين الفاعلين الإيـزيـديـيـن سـياسيـا و امـنـيا فـــي الــعــراق وســوريـا واسـتـبـدال الخطابات الانقسامية بمشروع واضح المعالم يعبر عن مصالح المجتمع الإيزيدي ويضعها على طاولة أي مفاوضات إقليمية أو دولية. المطلوب ليس فقط تمثيلا شكليا انما شراكة فعلية لنقل بصورة مبسطـة شـراكة اجـتـمـاعـيـة فـي صـيـاغـة مـصـيـر المنطقة.

فمن دون صوت إيزيدي موحد لن يتمكن هذا المجتمع من انتزاع حقوقه أو تحصين نفسه من الكوارث المقبلة. عليه يجب التوقف عن الاستناد فقط إلى ذاكرة المظلومية والتحرك نحو بناء منظومة حماية ذاتية تعتمد على إرادة داخلية وتكافئ الاجتماعي وايضا الى كيفية التعامل والتحالف بأستراتيجية مع القوى المعتدلة داخل المنطقة وخارجها. اضافة الى ذلك امكانية العمل في الضغط على المجتمع الدولي للمطالبة بحماية أممية لمناطق الأقليات . ما نراه اليوم هو عدم الوثوق بأي فصائل التي أعادت إنتاج نفسها بلبوس جديد والتي تمارس أعمالها في إطار تفاهمات ميدانية وايدلوجية الانتقام.

لذلك فإن المطلوب اليوم هو ان نقرأ الواقع ونحاول المشاركة في اعادة النظر عن التغيرات السياسية والامنية في المنطقة وأن لا نكون كضحايا انما كصناع قرار.

إننا في مفترق الطرق أما أن نكون شهودا على تكرار المأساة او ان نكون نموذج صمود جديد يعيد الاعتبار لمجتمع قاوم الإبادة ويرفض الانقراض.

.